انتشرت عبارة شائعة “فحص نظر مجاناً” على واجهة محلات النظارات، وأخذ الكثيرون يتساءلون عن مدى صحة هذا الكشف، وبالذات بعد ان وقع بعضهم في أخطاء كادت تودي بابصارهم، نتيجة ارتكاب اخطاء يعتقد البعض انها بسيطة لا تؤثر في العين، أو اللجوء إلى الفاحص عديم الخبرة لعدة أسباب اهمها أن الفحص مجاني تقابله كشفية مرتفعة القيمة لدى طبيب العيون. “الصحة والطب” استطلعت آراء عدد من أطباء العيون المتخصصين الذين تحدثوا عن الاخطاء الشائعة والمخاطر التي قد يرتكبها بعض فنيي البصريات، إضافة إلى تداخل مهنة طب العيون مع مهنة بيع النظارات حيث أن عدداً كبيراً من الحالات عادت لتطلب استشارة طبية متخصصة بعد الوقوع في فخ الفحص المجاني، إلى جانب آراء عدد من فنيي البصريات الذين اوضحوا أن هناك أخطاء بسيطة قد يرتكبها أي فرد سواء الفني أو الطبيب، إلا أنها لا تؤثر في صحة العين، كما جرى استطلاع آراء عدد من افراد الجمهور الذين اجمعوا على أن محلات البصريات بدأت تنافس عيادات الأطباء، إلا أن الزبون يبقى يثق بالطبيب أكثر من الفاحص.تحقيق : يمامة بدوان
أسباب ضعف البصريقول الدكتور جلال حسنين استشاري طب وجراحة العيون: لوحظ في الآونة الأخيرة كثرة المتاعب والأضرار التي تصيب العين نتيجة للممارسات الخاطئة التي يقوم بها البعض خاصة في التعامل أو علاج ظاهرة ضعف الابصار سواء كان ذلك فيما يخص الآباء أو أبناءهم، مشيرا الى ان ضعف الإبصار يرجع الى أسباب عدة منها:
* عيوب خلقية أو وراثية: مثل مرض ارتجاج العين - كبر أو صغر حجم العين - قلة أو ازدياد تحدب القرنية - عتامات القرنية - المياه البيضاء الوراثية - اختلال وضع عدسة العين - ارتفاع ضغط العين - أمراض الشبكية الوراثية - ضمور عصب العين.
* أمراض العين: مثل التهابات القرنية - التهابات القزحية - المياه البيضاء - المياه الزرقاء - أمراض الشبكية - أمراض العصب البصري.
* عيوب العين الانكسارية: مثل طول النظر - قصر النظر - الاستيجماتيزم.ويؤكد ان تشخيص أسباب ضعف الابصار يجب أن يتم بواسطة طبيب العيون المختص لأن طريقة العلاج تختلف كليا حسب سبب الضعف، كما انه من الخطأ الكبير بل والشائع بين الناس أن الشخص الذي يعاني من ضعف الابصار أو أبناءه يتوجه مباشرة الى محلات البصريات لعمل كشف وأخذ نظارة طبية، حيث ان هذه المحلات سميت “محلات بصريات” وليس “محلات عيون”.
ويضيف: ان عمل هذه المحلات الأصلي هو تنفيذ الأوامر الطبية المتمثلة في الوصفة الطبية الصادرة عن الطبيب سواء الخاصة بعمل النظارات الطبية أو العدسات اللاصقة وليس اجراء الكشف على المريض وتحديد العلاج المناسب له، لأن العاملين فيها ليسوا أطباء عيون بل فنيو بصريات وطبيعة عملهم مكملة لعمل طبيب العيون في مجال ضعف الابصار الانكساري فقط بأنواعه المختلفة، الامر الذي يؤكد اهمية التنبيه والتوعية للجميع وخاصة الأطفال عند الشكوى أو ملاحظة عدم وضوح الرؤيا بضرورة التوجه الى طبيب العيون للكشف ومعرفة السبب ومن ثم تحديد وسيلة العلاج المناسبة.
وأشار الى ان الأطفال والشباب حتى سن 16 سنة يجب أن يتم فحص عيونهم بعد توسيع حدقة العين وعمل فحص للشبكية وهذا لايحدث أبدا في محلات البصريات. وحول الممارسات الخاطئة في فحص النظر قال الدكتور حسنين إن معظم الأفراد الذين يعانون من صعوبة في رؤية الأشياء القريبة وخاصة بعد سن الأربعين يذهبون مباشرة الى محلات البصريات لاختيار نظارات طبية جاهزة التصنيع بأرقام مختلفة ويقومون بتجربة عدة نظارات ثم يختارون ما يعتقدون انها تساعدهم على الرؤية أفضل من غيرها. من دون معرفة سبب هذا الضعف في الابصار حيث يعد أسلوبا خاطئا وضارا بالعين.
واشار الى اهمية التوجه الى طبيب العيون وعمل كشف شامل لمعرفة سبب هذا الضعف اذا كان نتيجة خلل في عدسة العين وبداية ظهور المياه البيضاء أو ارتفاع في ضغط العين أو تأثير مرض السكري على العين أو نتيجة لعامل السن وضعف قدرة عدسة العين على التكيف للمسافات القريبة، حيث ان معرفة سبب الضعف مهم جدا لتحديد طريقة العلاج وليس الحل أخذ نظارة ذات عدسات مكبرة من محلات البصريات كما يعتقد البعض.
اما بالنسبة لاستخدام العدسات اللاصقة كبديل ومنافس للنظارات الطبية فأوضح الدكتور حسنين ان العدسات اللاصقة يزداد عليها الاقبال اكثر من النظارات وخاصة بين فئة الشباب والفتيات بعد انتشار العدسات التجميلية الملونة، مشيرا الى ان العدسات اللاصقة تستخدم لعدة أسباب:
* تصحيح العيوب الانكسارية للعين مثل طول النظر- قصر النظر - الاستيجماتيزم.
* علاج ازدياد تحدب القرنية والقرنية المخروطية.
* علاج تقرحات القرنية وعتامات القرنية.
* أداة من أدوات التجميل - العدسات الملونة.
ويؤكد اهمية عدم استخدام العدسات اللاصقة من دون وصفة طبية بل أن يتم الكشف بواسطة طبيب العيون، ولكن ما يحدث الآن أن كثيرا من الناس يذهبون مباشرة الى محلات البصريات للحصول على العدسات اللاصقة مما ينتج عنه كثير من المتاعب والأضرار للعين.
واشار ان اجراء الكشف بواسطة طبيب العيون مهم جدا لتحديد
درجة العدسة المناسبة.
* نوع العدسات المناسب.
* تقرير ما إذا كان يمكن لهذا الشخص وضع العدسات أم لا مثل بعض الأشخاص الذين يعانون من حساسية العيون والرمد الربيعي وجفاف العين والذين يعملون في الأجواء المتربة.
ويضيف ان الطبيب يقدم نصائح وارشادات خاصة باستخدام العدسات اللاصقة مثل كيفية وضع ورفع العدسات والاوقات المسموح فيها استخدامها اضافة الى الأوقات الممنوع فيها استخدامها حيث ان هذه الارشادات لا يستطيع الفرد الحصول عليها من محلات البصريات وبالتالي يحدث كثير من الممارسات الخاطئة مما ينتج عنه متاعب ومضار عديدة للعين.
ويوضح عدم وجود أي خلاف على أن محلات البصريات تلعب دورا مهما ومكملا لعمل طبيب العيون فيما يخص ضعف الابصار، الا ان هناك حدودا لمسؤوليات هذه المحلات، كما ان عمل طبيب العيون هو الفحص والتشخيص ثم تحديد العلاج المناسب، أما دور الفنيين العامليين في محلات البصريات فهو تنفيذ أوامر أو وصفة الطبيب المعالج وليس الفحص والتشخيص لأن مجال دراستهم وشهاداتهم الحاصلين عليها لا تؤهلهم لذلك، الامر الذي يؤكد لعامة الناس وجود فارق كبير بين طبيعة عمل ودور كل من الطرفين لتفادي المخاطر والأضرار، لافتا الى التجاوزات التي تقوم بها بعض محلات البصريات على طبيعة عملها والتدخل في عمل الأطباء.
(تجاوزات) فنيي البصريات
ويتساءل الدكتور سعيد موافي، دكتوراه أمراض وجراحة العيون في الشارقة، عن خبرة فنيي البصريات الذين لا يمتلكون أية خبرة في طب العيون حيث يلجأون إلى نصح المرضى باستخدام قطرات وأدوية دون مراعاة مضاعفاتها الجانبية أو احتياج المريض لها.
وأشار إلى انتشار محلات البصريات بشكل لافت للنظر حيث وصل الأمر إلى أن هناك من فنيي البصريات من يقفون عند أبواب محلاتهم يستنجدون الزبائن المارة، كما ان الذين يدعون أنهم فنيو بصريات يقدمون للزبائن نظارات - يعتقدون أنها مناسبة - بناءً على نتائج فحص النظر بوساطة الحاسوب إلا ان هذا التصرف خاطئ.
ويضيف: أخطر الممارسات التي يرتكبها بعض فنيي البصريات هي فحص نظر الاطفال مع العلم أن هناك قراراً رسمياً بمنع فحص عيون الأطفال دون سن 12 سنة في محلات البصريات، لأن لدى الطفل شداً في عضلات العين، ومن المفترض اعطاء الطفل قطرة خاصة للعين لتوسعة الحدقة وارخاء العضلات الداخلية لها لمدة ثلاثة أيام قبل اجراء اي فحص للنظر، بينما هناك بعض المحلات التي تقوم بإجراء الفحص للأطفال دون مراعاة هذه الاجراءات اضافة إلى نصح ذويهم بشراء نظارات طبية لأطفالهم.
وعن الأخطاء التي يرتكبها، فنيو البصريات أشار الدكتور موافي الى ان بعض الناس يعانون من انحراف وليس قصر نظر، إلا أن كافة محلات البصريات وللأسف الشديد تقدم مقاساً للانحراف بطريقة خاطئة بسبب قلة الخبرة.
كما لفت إلى ان فنيي البصريات عموماً يعتبرون دخلاء على مهنة طب العيون لأنهم وجدوا ان هذه المهنة مربحة تجارياً.
وذكر احدى الحالات التي أجرى لها فحصاً للنظر موصياً لها بمقاسات نظارة طبية، وعندما توجه صاحب الحالة إلى أحد محلات البصريات لتصنيع النظارة أخبره العامل الفني ان المقاسات خاطئة ويجب اعتماد مقاسات المحل، الأمر الذي جعل المريض يرتبك ولا يعرف أي المقاسات مناسبة لحالته.
ويتابع: بعض الأفراد يعانون من قصر نظر ربع درجة على سبيل المثال، وحسب ما هو متعارف عليه بالطب لا ننصح بنظارة ما دام نظر الفرد 6/،6 إلا ان احد المحلات وبهدف الربح المادي ينصح الفرد بضرورة شراء نظارة طبية من أجل علاج انحراف ربع درجة.
أما بالنسبة لتجاوزات محلات البصريات فأوضح الدكتور موافي ان غالبية هذه المحلات تلجأ إلى الاتفاق مع اطباء العيون لتحويل الحالات المحتاجة لنظارات إليها مقابل عمولة، مشيراً إلى أن ذلك لا يعد منطقاً طبياً بل تجاري بحت.
وعن إحدى الحالات المرضية قال إن احدى السيدات طلبت استشارة حول وصفة لمقاس نظارة طبية بناءً على فحص (أجراه) طبيب آسيوي لعينيها، وبعد اعادة الفحص تبين ان المقاسات لا تمت بأي صلة لنتائج الفحص.
وأشار إلى ان استخدام النظارة ذات المقاس الخاطئ يسبب صداعاً وتشوشاً بالرؤية عند الكبار، أما الصغار فإن مخاطرها اكثر خصوصاً وأنهم لا يتمكنون من مواصلة الدراسة والتركيز.
ويؤكد أنه في عدة احيان لا نفضل الاعتماد على فحص النظر بالحاسوب فقط بل نلجأ إلى عملية “الانكسار اليدوية” خصوصاً لمن يعانون من مشكلات في القرنية مثل القرنية المخروطية.
أما بالنسبة للحالات التي يفضل استخدامها لعدسات طبية لاصقة أو نظارات فأوضح الدكتور موافي ان الأمر يعود (للحالة) المرضية، حيث ان الذي يعاني من انحراف عال جداً “الاستيجماتيزم” يفضل له استخدام عدسات لاصقة شرط ان تتقبل العين هذه العدسات وان تكون خالية من بعض الأمراض كالجفاف والحساسية المزمنة والاتهاب الفيروسي والبكتيري المتكررة، إلا أن العدسة الطبية اللاصقة لا تعطى إلا لمن تجاوز سن 16 عاماً. ويتابع: أيضاً فإن العدسات اللاصقة ولدى بعض الحالات تكون الرؤية فيها أوضح من النظارة بسبب ان العدسة تكون ملتصقة بالقرنية، كما انها تتحرك مع العين في جميع الاتجاهات الأمر الذي يعطي مجالاً أوسع للرؤية بعكس النظارة التي يكون النظر من خلالها جوانبها اقل من الوسط كونها ثابتة وبعيدة عن العين، مشيراً إلى أن النظارة قد يستخدمها من يعاني من قصر نظر بسيطاً أو طول نظر أو بعض حالات الانحراف البسيط. ويضيف: يعد استخدام العدسات الطبية اللاصقة في محلات البصريات امراً خاطئاً بسبب ان قرار استخدام العدسة يحتاج إلى فحص اكثر من النظارة وبأجهزة متطورة لا تتوافر في هذه المحلات، عدا عن ان “العين” قد لا تتقبل العدسة.
وأشار إلى أن بعض محلات البصريات تلجأ إلى ممارسة الغش التجاري مثل رفع اسعار النظارات على اعتبار انها ماركات اصلية مع انها بالأصل مستوردة بالجملة ونوعية مقلدة.
ويطالب الدكتور موافي الجهات المسؤولة بتشديد الرقابة على محلات البصريات، إضافة إلى اجراء الفحص الطبي للعيون لدى الأطباء المتخصصين فقط إلى جانب فرض رقابة على أسعار النظارات الطبية.مخاطر النظارة الخاطئة
وفي السياق ذاته يؤكد الدكتور أياد جبور، اخصائي بأمراض وجراحة العيون، أن فحص النظر وبشكل عام لا يتوقف عند النتيجة التي تظهر بالحاسوب لتحديد القدرة البصرية لدى الفرد، لأن الحاسوب يعطي قدرة كسرة العين وبالتالي يعطي درجات اعلى من الدرجات التي يحتاجها المريض، اضافة إلى ان فحص النظر يدخل فيه عامل اساسي وهو فحص اجزاء العين مثل القرنية وعدسة العين والشبكية التي تلعب دوراً مهماً في تحديد سبب ضعف البصر وكيفية اختيار النظارة.
وأشار إلى أ نه عند الأطفال تكون نتيجة الفحص بالحاسوب خاطئة تماماً حتى بلوغهم سن 14 عاماً، لأن الأطفال يمتازون بخاصية في عضلات العين حيث إنهم قادرون على اخفاء الدرجات الحقيقية لضعف البصر لديهم او اعطاء حالة مخالفة للحالة الحقيقية لديهم كأن تكون حالتهم الحقيقية طول نظر وعادة ما يعطي الفحص نتيجة قصر نظر، ولا يمكن الكشف عن حقيقة الحالة إلا بوساطة الفحص المتخصص لدى طبيب العيون المؤهل لوضع قطرة خاصة تقوم بتوسيع الحدقة وبالتالي اعطاء النتيجة الحقيقية للحالة المرضية. أما بالنسبة لاختيار النظارة الخاطئة للطفل فأوضح أنها تؤدي إلى مشكلات كبيرة جداً تنعكس بشكل خطير على القدرة البصرية له مستقبلاً وقد تسبب تفاقم الحالة سوءاً، كما أنها قد تسبب كسلاً في العين أو ضعفاً في البصر يرافق الطفل طوال العمر، مع العلم أن هناك قراراً من وزارة الصحة بمنع فحص نظر الاطفال دون سن 14 عاماً في محلات بيع النظارات وحتى لدى الفاحصين المتخصصين في المحلات التجارية كونهم غير مؤهلين لهذا الأمر. وذكر الدكتور جبور ان هناك العديد من الحالات التي تعامل معها، منها حالة تعود لطفل يعاني من قصر نظر وبحاجة لنظارة (بمقاس) درجة ونصف لكل عين، وقد فوجئت إنه اعطي في احد محلات بيع النظارات نظارة بمقاس درجتين ونصف الدرجة الأمر الذي سبب للطفل صداعاً دائماً وعدم وضوح في الرؤية اضافة إلى اجهاد وارهاق دائم. وأشار إلى أنه وبعد اجراء الفحص ووضع القطرة اللازمة تم تصحيح مقاسات النظارة وبالتالي زالت الاعراض التي كان يعاني منها.
وفي حالة اخرى لطفل، وبسبب اجراء فحص لعينيه لدى عامل فني بصريات غير متخصص تأخر الكشف عن حالة حَول مخفي لديه حيث كان يعاني من صداع مستمر خاصة عند القراءة، وقد اعطي نظارة مخالفة تماماً لحالته، وبعد مضي فترة زمنية بدأت تظهر لديه بعض الاعراض كرؤية الأحرف مضاعفة عند القراءة، إلا أنه وبعد اجراء الفحص تبين انه يعاني من حالة مد بصر لا يمكن الكشف عنها إلا بوضع القطرة اللازمة والتي لم يستخدمها فني البصريات لدى اجراء الفحص لعينيه.
ويوضح الدكتور جبور انه من الخطأ الاعتقاد بأن الفحص بالحاسوب وحده يكفي لاختيار النظارة المناسبة خصوصاً لدى الأطفال وان كانت تكلفته اقل من تكلفة زيارة الطبيب، لان الفحص المتكامل للطفل له مراحل يجب أن تتم خلال الفحص ومن ضمنها وضع القطرة الموسعة للحدقة لاختيار النظارة الصحيحة وبالتالي الحصول على أعين سليمة، أما بالنسبة للبالغين فإن اعينهم بحاجة إلى فحص طبي متكامل وليس فقط من خلال الحاسوب، حيث انه وفي الغالب يلجأ الأفراد لاختيار نظارة للقراءة بعد سن 35 - 40 عاماً، وكما هو متعارف عليه فإن في هذا العمر حسب منظمة الصحة العالمية يجب اجراء فحص طبي تشخيصي لإمكانية وجود أمراض في العين والتي غالباً ما تظهر في هذا العمر ولا تعطي اعراضاً تنبه المريض لها مثل “الماء الازرق” أو “اعتلال الشبكية”. ويشير إلى أن غالبية الأفراد يفضلون اجراء الفحص في محلات البصريات للكشف بواسطة الحاسوب اعتقاداً منهم ان الحاسوب لا يخطئ اضافة إلى توفير قيمة كشفية طبيب العيون، وبالتالي لا يتم الكشف عن تلك الأمراض في الوقت المناسب إن وجدت لديهم.
لسنا منافسين
ولاستبيان آراء العاملين في محلات البصريات يقول محمد سالم، إننا نجري فحصاً للبصر بالحاسوب والاشارات لما بين 10 15 فرداً يومياً، حيث تظهر نحو 7 حالات بحاجة إلى نظارات أو عدسات لاصقة.
ويضيف “هناك نسبة لا بأس بها لا تقتنع بضرورة استخدام النظارة الطبية من أول فحص، إلا بعد اجراء فحص آخر لدى طبيب العيون كونه محل ثقة لدى الغالبية، كما أن هناك حالات لا نتأكد من نتيجة فحوصاتها وبالتالي نخيرهم بضرورة مراجعة الطبيب، خاصة المصابين بأمراض مزمنة كالسكري والضغط”.
وأشار إلى ان مهنة فني البصريات لا تشكل منافسة مع طبيب العيون، كما أنه لا يمكن وصف هذه المهنة بالتجارية حسب اعتقاد البعض، إلا أنه لا يمكننا انكار أن هناك دخلاء على هذه المهنة، الأمر الذي يجعلنا نطالب وزارة الصحة بتشديد الرقابة على الفاحصين في محلات البصريات لتجنب الوقوع باخطاء قد تؤثر سلباً في القدرة البصرية للأفراد.
وذكر محمد أنه لدى اختلاف نتيجة الفحص للفرد الذي يجري فحصاً لدى الطبيب والفاحص ونجده أنه وقع في حيرة من أمره، ولأهمية الأمر نجعله يعود إلى طبيبه للتأكد من النتيجة.
شطارة البائع
أما ضياء كافي ويعمل فني بصريات فقال إن غالبية الزبائن الذين يقصدون محلات البصريات يشكون من عدم وضوح القراءة والرؤية القريبة خاصة لمن تجاوز سن 30 عاماً، حيث نجري لهم فحصاً مجانياً بواسطة الحاسوب، ومن ثم نقدم لهم نتائج فورية، مشيراً إلى ان اقناع الزبون بضرورة شراء نظارة طبية بعد الانتهاء من الفحص يعود لشطارة البائع في المحل الذي يحاول بأسلوبه السلس اقناع الزبون. وتابع هناك حالات عديدة تعود إلينا لتشكو من عدم مناسبة النظارة لها، الأمر الذي يجعلنا نعيد الفحص من جديد واقناع الفرد بتغيير النظارة.
ويؤكد كاخي انه لا يجري أي تعديل على نتيجة فحص الطبيب في حال تحديده لمقاسات معينة لأن بذلك تقع المسؤولية كلها على عاتق الطبيب نفسه.
أما بالنسبة للطلب على العدسات الطبية اللاصقة، فقال إن الاناث أكثر طلباً لها من الذكور.
احتمال الخطأ.. واردويقول آخر من فنيي البصريات ان احتمال الخطأ وارد في تشخيص الحالة لدينا كأي متخصص أو طبيب، إلا ان هذا الخطأ البسيط لا يشكل عامل خطورة على القدرة البصرية، مشيراً إلى ان الخطأ قد يكون من بعض الأطباء الذين يخطئون في تشخيص الحالة والمقاسات التي تحتاجها. إلا اننا لا يمكن التعديل عليها بل ولا يمكن اقناع الزبون ان الطبيب مخطئ في تشخيصه.
وذكر ان هناك أطباء عيون يختلفون في تشخيص الحالة كما هو الحال لدى محلات البصريات، الأمر الذي لا يعني ان التشخيص خاطئ، بل يعود الأمر إلى وجود مدارس متعددة في هذا المجال، وأشار إلى ان 90% من عملنا في بيع النظارات يعتمد على تحويل الحالات إلينا من قبل بعض الأطباء الذين يتقاضون عمولة.
ويضيف “تعد مهنة البصريات مربحة، ولكننا لا نسعى في النهاية إلى الكسب المادي، وبذلك فإننا نعتمد على هيئة الزبون ونفسيته، فبعضهم مستعد لشراء أغلى نظارة طبية لدى معرفته انه يعاني انحرافاً بسيطة في النظر، والبعض الآخر يفضل مراجعة طبيب عيون كونه أكثر تخصصاً من فني البصريات”. ويتساءل عن سبب الهجوم الذي يشنه بعض أطباء العيون على محلات البصريات واتهام العاملين فيها بأنهم باعة على أبواب المحلات، بينما هم على حد قوله أصحاب مهنة مربحة، كما هو الحال لدى الأطباء الذين يروجون لمهنتهم وتجارتهم عبر الاعلانات والعلاقات الشخصية.“
لحظة ضعف”
وتقول زهرة القروني انها تفضل اجراء فحص نظر لدى طبيب العيون كونه متخصصاً أكثر من فني البصريات مهما كانت دراسته العلمية، مشيرة إلى انها لجأت سابقاً إلى اجراء الفحص المجاني لدى احد محلات البصريات حيث أخبرها العامل فيها وبأسلوبه المبطن انها ستضطر لاجراء عملية ليزر مستقبلاً إذا لم تستخدم نظارة طبية، الأمر الذي دفعها ومن شدة شعورها بالخوف إلى شراء النظارة التي تبين فيما بعد انها لا تمت بأي صلة لحالتها.
وتضيف “منذ ذلك الحين تعلمت درساً ألا أثق ببائع لأن هدفه الوحيد ينحصر في بيع النظارة وليس سلامة بصر الزبون الذي يضطر لتصديق أكاذيبه في لحظة ضعف قد تتملكه أمام كلام بائع النظارات المعسول”.
وأشارت زهرة إلى ان احدى صديقاتها اضطرت إلى استخدام نظارة لمدة عام لتكتشف فيما بعد ان نظرها سليم وأن زجاج النظارة كأي زجاج آخر.
استغلال نفسيبينما يسرد رامي هاني حكاية مؤلمة مع أحد فنيي البصريات قائلاً “أهوى القراءة ليلاً إلا انني بدأت اشكو من عدم وضوح الأحرف، فما كان مني إلا التوجه إلى أحد الأصدقاء والذي يعمل في محل للبصريات، وأجرى لي فحصاً بواسطة الحاسوب وآخر يدوياً ومن ثم شدد على أهمية ان استخدم نظارة طبية لسوء حالتي البصرية، فما كان مني إلا أن أخذت كلامه على محمل الجد كونه صديقاً لي.
ويتابع رامي “استخدمت النظارة خلال القراءة، كما أخبرني الفاحص، إلا أنني بدأت أشعر بالصداع والدوار، ولدى عودتي إليه اشكو من الأعراض الجديدة قال لي ان هذا أمر بديهي كوني استخدم النظارة للمرة الأولى في حياتي، وأن هذه الأعراض سوف تزول مع مرور الوقت”.
وأشار إلى انه قرر أخيراً التوجه إلى طبيب عيون لاجراء الفحص والتأكد من سلامة النظارة ليتفاجأ بأن مقاسات النظارة بعيدة كل البعد عن نتيجة فحص بصره.
ويعتقد رامي ان بعض المحلات تقوم باستغلال حالة الفرد النفسية، خاصة وأنه يقع تحت ظل الهاجس من اختلال القدرة البصرية، كما ان بعض الأفراد يفضلون اجراء الفحص في هذه المحلات كون أسعار الفحص رمزية، حتى لا يضطرهم الأمر إلى دفع قيمة كشفية طبيب العيون المرتفعة اعتقاداً منهم ان الحاسوب لا يخطئ بالنتيجة.زيادة الوعي المجتمعيوتوضح سمر تايه أنها ومنذ زمن طويل تستخدم النظارة بناء على وصفة طبية، إلا انها تلجأ بين المدة والأخرى إلى اجراء الفحص المجاني في عدة محلات للبصريات للتأكد والمقارنة بين نتيجة كل فاحص.
وتضيف “الوقوع في خطأ خلال التشخيص لا يجعل فني البصريات شخصاً سيئاً، لأن الخطأ البشري وارد في أي مهنة، كما هو الحال لدى بعض الأطباء فهم يخطئون أيضاً في تشخيص الحالة وعلاجها”.
وترى سمر أن الفاحص في هذه المحلات يمكن أن يتجنب ارتكاب الأخطاء في حالة تمرسه في المهنة التي تعد تجارة كأي مهنة أخرى، إلا انها وفي الوقت نفسه لا تحبذ أن تكون ضحية لهذا الفاحص أو الطبيب اللذين يتنافسان بشكل خاص لاسترضاء الزبون، حيث ان هناك العديد من الأطباء ولدى فحص نظر الفرد يطلبون منه التوجه إلى احد محلات البصرية كونه الأفضل حسب قول الأطباء مع العلم ان بعض هذه المحلات تعود ملكيتها لأطباء عيون أو أنهم يتقاضون عمولة منها بعدد الحالات التي يجري تحويلها إليها لشراء النظارات.
وتؤكد سمر أن أفراد المجتمع بشكل عام لديهم ثقافة ووعي أكثر مما كان سابقاً، حيث لم يعد باستطاعة بائع النظارات اقناع الزبون بضرورة شراء نظارة جراء أول فحص للنظر، وذلك لكثرة انتشار محلات البصريات وأطباء العيون، اضافة إلى اطلاع الأفراد على المعلومات الطبية عبر عدة وسائل ومنها الانترنت والاعلام.مجمعات وتنافسويقول رشيد ياغي انه اضطر لاستخدام نظارة طبية بناء على استشارة طبيب عيون، وليس فاحص بصريات، لطبيعة عمله الدائم أمام شاشة الحاسوب، مشيراً إلى انه ولدى اجراء الفحص المجاني لدى احد محلات البصريات كاد البائع يقنعه أنه سيصبح أعمى بعد 24 ساعة إذا لم يستخدم نظارة غالية الثمن، إلا انه ونتيجة ثقته بنفسه العالية وعدم ثقته بكلام البائع توجه إلى طبيب عيون وحدد له مقاسات النظارة التي لم تكلفه سوى مبلغ عادي.
ويضيف “محلات البصريات تعتمد على الربح التجاري كأي مهنة أخرى، إلا انها لا تراعي العوامل الانسانية والصحية، حيث أن خطأ بسيطاً قد يسبب مضاعفات مستقبلية للعين”.
ويطالب رشيد الجهات الرسمية بتشديد الرقابة على محلات بيع النظارات التي تحولت إلى حد يشابه عيادات أطباء العيون، اضافة إلى زيادة وعي أفراد المجتمع الذي يقع بعض منه ضحية لهؤلاء التجار.
ويشير رشيد إلى كثرة محلات البصريات في الدولة، إلى الحد الذي تحولت فيه بعض الشوارع إلى مجمعات لبيع النظارات، كونه لا يفصل بين المحل والآخر إلا محل ثالث للبصريات، وهناك يشاهد البائع مرتدياً الزي الأبيض وينادي “فحص مجاني”، متسائلاً “هل وصلت هذه المهنة إلى هذا المستوى، أم أنهم لم يعودوا يستقبلون زبائن لكثرة المحلات المتنافسة وكثرة ارتكاب الأخطاء